لن تعرف أبداً متى سيخرج آدم ساندلر من الأفلام الكوميدية المتواضعة التي تدور أحداثها في مناطق استوائية ليصنع شيئاً جيداً حقاً. لكن عندما يفعل ذلك، فهو يتعاون مع بعض الفنانين الرائعين. ابتداءً من بول توماس آندرسون ووصولاً إلى نواه باومباك، والآن المخرجان الشقيقان جوش وبيني سافدي. ومثلما حصل مع الممثل روبرت باتينسون في فيلم الأخوين سافدي السابق Good Time، الذي قدم أفضل أداء له في حياته المهنية، يُظهر لنا Uncut Gems آدم ساندلر كما لم نره من قبل.
في حين أن معظم الأدوار الجدية التي أداها آدم ساندلر كانت حول شخصيات لطيفة، إلا أن الشخصية التي يلعبها هنا، وهي هاورد رانتر صاحب متجر المجوهرات المصاب بإدمان على القمار، تُبدي ثقة كبيرة. يكمن عيبه المميت في أنه يثق بأن الآخرين سيوفون بوعودهم عندما يتعلق الأمر بالمجوهرات الثمينة، بالإضافة إلى الاعتماد على الحظ والحدس لملء الفراغات عندما لا يفعلون ذلك. هاورد شخص يتوق للعيش بشكل مستقل، وهو بحاجة فقط لطلب المعروف من البعض ليتمكن من ذلك.
يقدم ساندلر شخصية هاورد بأسلوب صاخب، وهي الطريقة المثالية لتصوير الطبيعة السريعة لثقافة تجارة الجواهر في نيويورك، لكن يحتاج الفيلم للكثير من التركيز حيث يعج بالأحداث الهامة التي تتعمق بإنسانية الشخصية والتي قد تفوتك لو أغمضت جفنك. ويتمكن ساندلر من التعمق بروح هاورد بشكل رائع مما ينفخ الحياة في أسلوب الفيلم الفوضوي.
ويساهم الأخوين سافدي بصقل هذا الأمر بدورهما، فيستخدمان لقطات قريبة حماسية وإضاءة قوية والكثير من النيون، بالإضافة إلى موسيقى تصويرية على آلات ألكترونية لإضفاء جو من التوتر والفوضى التي تزعج الحواس حتى خاتمة الفيلم. هناك شعور رائع بالفيلم يذكرنا بأفلام مارتن سكورسيزي في السبعينيات، والذي في الواقع هو المنتج التنفيذي للفيلم، حيث ينتهي المطاف بـ Uncut Gems كفيلم جريمة ملحمي صغير النطاق، لا يخشى تسليط الضوء على الحقائق القاسية، من دون أن يفقد الروح. إنه فيلم عدواني، من الناحية البصرية والروحية، لكنه يضم شخصيات أفضل من معظم أبطال أفلام الأخوين سافدي الآخرين. من الجلي أن ميزانية الفيلم كبيرة بما يكفي لتمنح المخرجين مساحة أكبر، أمام الشاشة وخلفها، لإضفاء لمستهما الفنية، لكن هناك لمسة من السوداوية الإضافية التي لا يمكنها إلا أن تذكرنا بفيلم Good Time، أو حتى الفيلم المستقل الرائع Heaven Knows What للأخوين التي يصعب عدم ملاحظتها. ومع ذلك، لا يقلل هذا الفيلم من مكانة المخرجين المتنامية التي يستحقانها.
تتمحور الحبكلة الفعلية للفيلم حول هاورد الذي يحاول استعادة جوهرة ثمينة اشتراها من عمال مناجم أثيوبيين بعدما قام بإقراضها لنجم كرة السلة كيفن غارنيت (والذي يؤدي دور نفسه الحقيقية بأداء رائع للغاية). يكشف الفيلم ببطء حول الأماكن الكثيرة التي يضع بها هاورد أموالاً، بالإضافة إلى الأماكن التي يملكها، مما يجعل الفيلم يتكشف عن فوضى من الحزن والوعود غير المناسبة التي يمكننا أن نعرف أنها لن تتحقق. وبالإضافة إلى غارنيت، يتألق أيضاً بقية طاقم الممثلين بشكل رائع. أبرزهم إدينا مينزيل، التي ستصبح قريباً زوجة هاورد السابقة، ولاكيث ستانفيلد الذي يتألق تحديداً بدور الوسيط بين هاورد وغارنيت، وكذلك إريك بوغوسيان الذي يلعب دور أحد الأشخاص العديدين الذين يدينون بالمال لهاورد.
يفاجأنا الفيلم بمدى تماسك قصته، خاصة على اعتبار أن كل مشهد تقريباً يحتوي على 10 محادثات تجري في وقت واحد. لكن فوضى المحتوى والأسلوب تجعل المشاهد يحتاج لبعض الوقت قبل أن يشعر بالاهتمام تجاه هاورد، لذا نشعر أن الفصل الأول وجزء من الفصل الثاني يعانيان من بعض الرتابة. لكن في تلك المرحلة لا يسعك سوى الإعجاب بأداء ساندلر وكل العناصر المختلفة التي يُظهرها الأخوين سافدي في وقت واحد. والأهم من ذلك هو أننا بحلول الفصل الثالث الجنوني، حيث يتصاعد التوتر وتأخذ الشخصيات إجراءات لا يمكن التراجع عنها، نشعر حقاً أننا نهتم لأمر هاورد.
تحمل الخاتمة تأثيراً عاطفياً كبيراً، لكنها مرضية تماماً وتخدم الشخصيات بالشكل الصحيح. إن Uncut Gems هو في نهاية المطاف قصة حول أنك لا تستطيع مبادلة الحظ الجيد بالنية الحسنة، إنه درس لا تتعلمه كل شخصية بحلول النهاية، وبالتالي تعاني بسبب ذلك. لكن بشكل مشابه للحجر النادر، يصعب الحصول على أفلام تجمع بين المخاطر الواقعية والاستثمار العاطفي الحقيقي. لقد صنع لنا الأخوين سافدي فيلماً قاسياً، لكن هناك ألماسة حقيقية في قلبه.
يواصل الأخوين سافدي سلسلة نجاحاتهما في صنع أفلام واقع قاسي حول النيويوركيين العاديين الذين يعانون من عيوب قاتلة. لكنهما هذه المرة منحا آدم ساندلر منصة ليُظهر مدى براعته بالتمثيل عندما يكون مع الأشخاص الصحيحين. والنتائج رائعة للغاية وتحمل التأثير المطلوب.